إدارة الدراسات الإسلامية
EN ع
0

المجلس الخامس والعشرون من كتاب مجالس شهر رمضان بعنوان " وصف النار

لقد حذرنا الله تعالى في كتابه من النار وأخبرنا عن أنواع عذابها بما تتفطَّر منه الأكباد وتتفجر منه القلوب، حذرنا منها وأخبرنا عن أنواع عذابها رحمة بنا لنزداد حذرا وخوفا، فاسمعوا ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله  من أنواع عذابها لعلكم تذكرون، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تُنْصَرُون، قال تعالى: "وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ " وقال تعالى "إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ " وقال تعالى مخاطباً إبليس " إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ (44) "

وقال تعالى " وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)" وقال تعالى "يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (55) " وقال تعالى " لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ۚ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) " وقال تعالى " وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (43) لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44)"

والآيات في وصف النار وأنواع عذابها الأليم الدائم كثيرة.

أما الأحاديث كثيرة فمنها  :

فعن عبد الله بن مسعود  أن النبي  قال: { يؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف مَلَك يجرونها } وعن أبي هريرة  أن النبي  قال: { ناركم هذه ما يُوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنم "، قالوا: يا رسول الله إنها لكافية؟ قال: " إنها فُضِّلَت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها } وعنه  قال: { كنا عند النبي  فسمعنا وَجْبَة فقال النبي " أتدرون ما هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: " هذا حجر أرسله الله في جهنم منذ سبعين خريفا (يعني سبعين سنة) فالآن حين انتهى إلى قعرها }

وقال عُتْبَة بن غزوان  وهو يخطب: لقد ذُكِرَ لنا أن الحجر يُلْقَى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا والله لَتُمْلأن أَفَعَجِبْتُم؟ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي  قال: { لو أن قطرة من الزقوم قَطَرَت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم } .

وعن النعمان بن بشير أن النبي قال: { إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشِراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم عذابا } .

وعن أنس بن مالك  أن النبي  قال: { يُؤْتَى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيُصْبَغ في النار صبغة ثم يقال: يا بن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا ربِّ، ويُؤْتَى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال: يا بن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك من شدة قط؟ فيقول: لا والله يا ربِّ ما رأيت بؤسا ولا مر بي من شدة قط } يعني أن أهل النار ينسون كل نعيم مر بهم في الدنيا، وأهل الجنة ينسون كل بؤس مر بهم في الدنيا، وعنه  أن النبي قال: { يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ قال: فيقول: نعم. قال: فيقول: قد أردت منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا، فأبيت إلا أن تشرك بي } .

وروى ابن مَرْدَوَيْهِ عن يَعْلَى ابن مُنْيَة وهو ابن أمية ومنية أمه أنه قال: يُنْشِئ الله لأهل النار سحابة فإذا أشرفت عليهم ناداهم: يا أهل النار أيُّ شيء تطلبون؟ وما الذي تسألون؟ فيذكرون بها سحائب الدنيا والماء الذي كان ينزل عليهم، فيقولون: نسأل يا رب الشراب، فيمطرهم أغلالا تزيد في أغلالهم وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمرا يُلْهِب النار عليهم، وعن أبي موسى  أن النبي  قال: { ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر وقاطع رحم ومصدِّق بالسحر، ومن مات مدمن الخمر سقاه الله من نهر الغوْطة ". قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: " نهر يجري من فروج المومسات يؤذي أهل النار ريح فروجهن } وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي  قال: { إن على الله عهدا لمن شرب الْمُسْكِرات لَيَسْقِيه من طينة الخبال ". قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: " عَرق أهل النار أو عصارة أهل النار } وعن النبي  أنه قال: { يقال لليهود والنصارى: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطِشنا ربَّنا فاسْقِنَا. فيُشار إليهم: ألا تَرِدُون؟ فيُحْشَرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار } قال الحسن: ما ظنك بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شَرْبة حتى انقطعت أعناقهم عطشا، واحترقت أجوافهم جوعا، ثم انصرف بهم إلى النار فيُسْقَون من عين آنية قد آن حرها واشتد نضجها.

وقال ابن الجوزي رحمه الله في وصف النار: دار قد خُصَّ أهلها بالبعاد، وحُرِموا لذة المنى والإسعاد، بُدِّلَت وضاءة وجوههم بالسواد، وضُرِبُوا بمقامع أقوى من الأطواد، عليها ملائكة غلاط شداد، لو رأيتهم في الحميم يسرحون، وعلى الزمهرير يُطْرَحون، فحزنهم دائم فما يفرحون، مُقَامهم محتوم فما يبرحون أبد الآباد، عليها ملائكة غلاط شداد، توبيخهم أعظم من العذاب، تأسُّفهم أقوى من الْمُصاب، يبكون على تضييع أوقات الشباب، وكلما جاد البكاء زاد، عليها ملائكة غلاظ شداد، يا حسرتهم لغضب الخالق، يا محنتهم لعِظَم البوائق، يا فضيحتهم بين الخلائق، على رؤوس الأشهاد، أين كسبهم للحُطام؟ أين سعيهم في الآثام؟ كأنه كان أضغاث أحلام، ثم أُحْرِقت تلك الأجسام، وكلما أُحْرِقت تُعَاد، عليها ملائكة غلاظ شداد. . 

Picture 

وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - إدارة الدراسات الإسلامية